الأربعاء، 26 نوفمبر 2014

مقال : تغيير المفاهيم (عمر الفهدي )

تغيير المفاهيم



عندما يولد الطفل فإنه يكون خاليَ المعتقدات والمفاهيم ، أبيض الفكر قابلاً للتشكل في صيغٍ كثيرة ، وبطبع مدنية الانسان فإنه يكبر ويستمد معتقداته ومفاهيمه من مصادر شتى ، فإما أن يكبر وتكون مفاهيمه دافعاً له نحو أحلامه وطموحاته، أو مُقيدًا لسلوكه وأُطروحاتهِ ، فهل جذبنا تلابيبنا لنتوقف ونتفحص نوعية المفاهيم والمعتقدات التي نحملها في شخصياتنا؟!



تكمنُ أهمية المفاهيم أنها أبرز المُحركات لسلوك الانسان بادراكه او بغير ادراكه ، وهنا يبرز خطر المفاهيم السلبية على الانسان ، ففي الوقت الذي يبحث الإنسان عن أسباب هزائمه او قلَّةِ فاعليته في الخارج ، ينام بين ضلوعه أبرز عوائقه في الداخل ، فالمفاهيم السلبية التي نحملها بداخلنا لها تأثيراتٌ عميقةٌ على نوعيةِ استجاباتنا للمواقف المختلفة في حياتنا.



أرى ذلك جليًا في حياة الكثيرين من حولي ، فتراه مازحاً ضحوكاً أثناء قيادة السيارة وبمجرد أن يرى طابوراً من السيارات في مكان ما ، اكفهرَّ وجهه وشَحُبْ ، وبدأ بالتأفف والشَّجبْ ، فلماذا؟ ، تَرَى آخر يشكو إليك همَّ الدراسة بشكل مستمر وكأنما يُساق إلى العذاب ، ولو تمعنا لحال هولاء وغيرهم وجدنا أنهم قد ربطوا هذه المواقف بمعانٍ سلبية ، فالأول يرى في الزحام تأخُّرا وتوترا ، والثاني رأى الدراسة على أنها مطلبٌ مُجبرٌ عليه وحارمٌ للهوايات والملهيات ، ولحل مثل هذه المفاهيم فإننا نقرُّ أولا أنه يوجد في بعض هذه المواقف جانب سلبيٌ أو صعب فعلا ونتفق معهم في ذلك ، ولكن لا نتفق في جعل هذه المفاهييم  منطلقا لردات الفعل ، فذاك يضيقُ صدرهُ وهذا خصَّصتَ لقاءه للهموم ، بل حريٌ بنا أن نعتبر من الزحام فرصةً لتطوير النفس بسماع قصَّة مفيدة أو برنامجٍ علمي يثري شخصياتنا ، أو أن يتخذ من الزحام فُرصةً للتفكُّرِ أو مراجعة محفوظٍ له أو أي شيء يُناسبه وُيبعده عن المشاعر السلبية ، وأمَّا مهموم الدراسة فلَهُ أن يُعالج مفهومه عن الدراسة بتغييرها على أنها مكان لتطوير النفس وصناعةِ المستقبل.



نُدرك أنَّها ليست مسألة سهله ولكنها تستحق التركيز عليها لفوائد كثيرة ، فهي تُلغي كثيرًا من مصادر إضاعة الوقت والمشاعر السلبية التي تؤثِّرُ بشكل مباشر على حياتنا ، ومن فوائدها أيضا ما ذكرهُ العالم الفيزيائي آلبرت اينشتاين بقوله " إن أيَّ خللِ في المفاهيم سيصبحُ خللاً في الشخصية "،فإذا قوَّمنا من مفاهيمنا بشكل جيد كان مردود ذلك جليًا على شخصياتنا ، وقِسْ ذلك على مفاهيمك اتجاه الصلاة والزواج والعمل وصِلة الرحمِ ومواقع التواصل الاجتماعية وغيرها.



لا تجعل روتين الحياة يُنسيك التمعن في مفاهيمك ، بل اسأل نفسك بشكل مُستمر ماهو مفهومي تجاه موقف معين؟ وهل هذا المفهوم يدفعني للأمام أم يثبطني؟ ، يجِب أن نواصل الأسئلة.







عُمر الفهدي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق